اكتوبر موسم ” ألاوة “

لمَ لمْ يكن أربان يحب فصل الخريف ويسر بحلول شهر أكتوبر ……
كان أربان رحمه الله مسرورا بشهر اكتوبر وكان يستبشر بانقضاء موسم الخريف ، الذي عبر عنه ب ” منزل لعلاب ” كما ذكر في طلعته الشهيرة: “كلحمد ال منزل لعلاب دهرُ فات”.
كان للناس إذ ذاك مقامان في العام، مقام على الكثبان (لعلاب)، ومقام في الأودية. فكانوا إذا حل الخريف، يصعدون الكثبان فرارا من الحر ولسع البعوض وغير ذلك، فإذا حل الشتاء رجعوا إلى الأودية طلباً لدفء الشجر، وكان الشتاء أحب إليهم من الخريف خلافا لنا، لأن الخصب كان قائما في العام كله، فهم يقدمون الخصب في البرد على الخصب في الحر.
قوله: “وافرغ باس الخيل ال لركاب”، معناه الحرفي هو: “انتهى أكتوبر”، وذلك أن الحصان عندهم لا يمتطى في أكتوبر، فإذا امتطاه إنسان اعتل وخرج في جلده حب يدعى “باروش”، فكانوا يمهلون الخيل إلى أن ينقضي النصف الثاني من أكتوبر (ألاوَه) فيصبح امتطاؤها غير مضر بها.
وقوله: “واخلط برد الليل ولمظَلْ”، فهو يقصد بالمظل النهار، والمظل من أسماء النهار في الحسانية، وإذا اختلط برد الليل ببرد النهار فمعنى ذلك أن الشتاء قد بدأ.
وقوله: واخلط زاد إگليو ء ظل الخيمه هي واموره
إگليو هو النسيم الذي يأتيك إذا مرت الريح على طين الأضاة (التامورت)، ومن مميزات الحسانية أنها تفرق بين أنواع النسائم، فالنسيم الذي يأتي من الأضاة هو إگليو، والنسيم الذي يأتي من المطر القريب هو أماروگ، والنسيم الذي يأتي من المطر البعيد هو أگياف، وأما النسيم الذي لا صلة له بالماء فهو الگروح.
ومعنى هذا المصراع الأخير من الطلعة، هو أن أهل أربان استقروا في الوادي، والدليل هو اختلاط ظل الخيمة بشجر الوادي ووجود “إگليو” الذي لا يمكن أن يتنسمه إلا من نزل الوادي وتركَ الكثيب، لذلك كان أربان يكره أكتوبر لأن فترته تمنع نسائمَ وأرواحاً وطيبات لا يمكن الظفر بها إلا في الأودية بعد دخول الشتاء وانقضاء أكتوبر ….