من أدب الغربة

في الغربة وحال الغريب …٨

أصابَت بِيَّ الأيامُ أيَّ وأينَمَا :: فَيَا هَيَّما لِي من نَوايَ وهَيَّمَا
نشأتُ بأرضٍ لا أودُّ بأهلها :: أعزَّ أناسٍ في البلادِ وأكرَما
وها أنا أسعَى بينَ ناسٍ تخالُنِي :: لدَيهم إذا خاضُوا الأحاديثَ أبكَما
وتحسَبَهم وُرْقَ القَطا قَذَفت به :: على سَدَمٍ قَفرِ الجَبَا لوعةُ الظمَى
يَقعنَ فما يَنقعنَ إلا بلُجةٍ :: غليلًا فما تَدرِى بكَى أمْ ترنّمَا
خَليليّ ما ضَاقَ الصدورُ لغُربةٍ :: كغُربةِ بادٍ لا يرَى غيرَ أعجَما
ولا التهَبَتْ ذكرَى صديقٍ كماجدٍ :: تُعَدّ لَديهِ رِيبةُ الخِلِّ مأثَمَا
يَرُدّ على النَّدمان بالكأسِ مثلَها :: وأيَ مجالٍ خُضْتَ فيه تقدّما
ألَهفِي على أمثالِ ذاكَ وإن لَوَى :: بهم زمنٌ قد عَزّ أن يتصرّما
ألهفِي على كلِ ابنِ بيضاءَ حرةٍ :: إلى واضحِ الخَدّينِ يُنمى إذا انتمَى
ذَكيِ الحِجا حُلوِ الشمائل لم يَكنْ :: بليدا إذا خِيضَ الحديثُ تلعْثَما
ولا طائشًا من نَوكِه ليسَ يهتدِى :: إلى أين يَرمِى ذُو النباهةِ إنْ رَمَى
ولا معجبا عندَ النزاعِ برأيه :: يقول ولا يُصغِى إلى من تكلما
ولا مَرِحًا يَختالُ ثانيَ عِطفِه :: يرَى نفسَه من سائرِ الناس أعظمَا
ولا حِلفَ كِبرٍ إن تبيَنَ حَيفُه :: لأهلِ النّهَى والجَهلِ كالشّمسِ صمّمَا
ولا ذا لَجاج لم تَكَدْ من شِقاقه :: -ولو لم تَقُلْ إلا سلامًا-لتسْلَما
بهذا الذى ما شابَ شَوْبٌ خِلاله :: سقتنِي النوَى في نازحِ الأرضِ عَلقَما
عَلىَّ إنَ أدنانِي إلى الأهلِ سالمًا :: إلهُ الورى إطعامُ ستين مُسلِمَا